بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بداح العنقري أو كما ينطقها البعض العبجري .. تاجر من أهل الحضر ، لديه دكان في سوق إحدى قرى نجد .. وكان البدو ينزلون القرى ويكتالون بالدّيْن إلى أن يبيعوا ( السمن والسمين ) على حد قولهم ، فيوفوا صاحب الدكان حقه وهكذا .. ونظرا ً لطبيعة تعامل بداح العنقري مع أهل البادية فقد كون علاقات جيدة مع البدو نظرا ً لما يتمتع به بداح من سمعة طيبة وتعامل نظيف .. وفي إحدى السنوات نزلت قبيلة من قبائل البادية بالصيف بالقرب من قرية بداح ، ونظرا ً لما يربط بداح من بهذهِ القبيلة من علاقات فقد خرج لهم وسلم عليهم وأعطاهم ما يحتاجونه من مؤن .. وصادف أن رأى فتاة جميلة في هذهِ القبيلة أعجبه جمالها ، وكان والدها رجلا ً كريماً ويعرفه
بداح من تعامله معه ، فقرر بينه وبين نفسه خطبتها . ولما رحل البدو وعادوا إلى منازلهم في بداية الموسم ركب بداح وتبعهم ونزل ضيفا ً على والدها الذي أحسن استقباله وقام بواجبه فالرجل شهم كريم وبداح يستحق حسن الاستقبال لما له من أفضال على تلك القبيلة ..
وبعد أن قام والد الفتاة بواجب الضيافة فاتحه بداح برغبته بالاقتران بابنته طمعا ً بنسبه .. فلم يكن للوالد بد من الموافقه على طلب بداح ولكنه اشترط موافقة الفتاة أولاً لأن بداح سوف يأخذها للقرية إذا تزوج بها ، ومن هنا كان لا بد من أخذ رأيها ..
وكانت الفتاة بالجزء الثاني من بيت الشعر بحيث أن بداح يسمعها فلم يكن بينهما سوى قاطع بيت الشعر الذي يفصل المجلس عن المخدع وهو لا يعزل الصوت .. وكان بداح يسمع حوارها مع والدها ..
قال لها الوالد : بداح يريد الزواج بك وسيأخذك لقريته فما رأيك ؟
أجابت الفتاة : الحضري لي خيال نظره .. زين تصفيح لا يصلح لي ولا أصلح له ..
وهي تعني أن أهل الحضر ذوو هيئة وملابس نظيفة فقط ، لذا فهم لا يصلحون لها ..
سمع بداح ما دار بين الوالد والفتاة .. وسكت . ولما عاد الوالد حاول أن يعتذر لبداح بأية طريقة .. وقبل بداح عذره وشكره وطلب المبيت عندهم حتى الصباح ليعود ثانية من حيث أتى !! وفلا ً بات عندهم تلك الليلة ..
وفي الصباح الباكر وقبل رحيل بداح حصل أن أغار قوم على أهل الفتاة وأخذوا حلالهم كله وابتعدوا به ، فصاح الصياح بالمضارب وهرع القوم للحاق بإبلهم وتخليصها من أيدي الغزاة .. هذا كله وبداح جالس يشرب القهوة ولا يحرك ساكنا ً ..
والفتاة تنظر إليه بازدراء .. وهي تردد على مسامعه : الحضري خيال نظره !! وهو لا يكترث لها ..
ولما جاء الضحى عادت فلول القوم منهزمة لم تستطع تخليص حلالها من أيدي الغزاة .. في هذه ِ اللحظة تناول بداح سيفه ورمحه وركب فرسه وأغار بطلب الغزاة وحيدا ً والفتاة تنظر إليه .. ولما جاء العصر عاد بداح وقد هزم الغزاة وحيدا ً وأعاد الحلال كاملا ً ومعه خيل الأعداء ، وبعضهم مأسورين .. فتعجبت القبيلة كلها من فروسيته وهو الضيف الذس لا يلزمه شرع البدو بمناصرة مضيفيه إلا من باب النخوة .. شعرت الفتاة بالخجل لما قالته له فوقفت تزغرد له وكأنها تعتذر وتقول قبلت الزواج بك ولما وقف بالقرب منها
أنشد هذه ِ الأبيات :
الله لحـد يامـا غزينـا وجينـا=وياما ركبنا حاميـات المشاويـح
وياما علـى أكوارهـن اعتلينـا=وياما ركيناهن عصيرن مراويـح
وياما تعاطـت بالهنـادي يدينـا=وياما تقاسمنا حـلال المصاليـح
وراك تزهد ياريش العيـن فينـا=تقول خيال الحضر زين تصفيـح
الطيب ما هـو بـس للظاعنينـا=مقسمين بين الوجيـه المفاليـح
البـدو واللـي بالقـرى نازلينـا=كلـن عطـاه الله هبّـة الريـح
يوم الفضول بحلتـك شارعينـا=بالشلف ينحونك سوات الزنانيـح
يوم انجمر رمحي خذيت السنينـا=وادعيت عنك الخيل صم مدابيـح
هيا عطينا الحـق هيـا عطينـا=وإن ماعطيتينـاه والله لا صيـح
أصيح صيحة من غدالـه جنينـا=وإلا خلوجن ضيعوها السراريـح
يا عود ريحانن بعرض البطينـا=ومنين ما هب الهوا فـاح ريـح
لا خـوخ ولا رمـان ولا بتينـا=مشمش البصـرة ولا بالتفافيـح
وخدن كما قرطاستن فـي يمينـا=وعيون نجـل للمشقـا ذوابيـح
صخف بلطـف بانهـزاع بلينـا=يا غصن موزن هزعه ناسم الريح
ولما أكمل العنقري قصيدته وسمعت الفتاة كلامه كما سمعه أبناء قومها أهدت نفسها إليه زوجه .. فرفضها كما رفضته هي من قبل وعاد من حيث جاء وتركها تعض أصابع الندم حيث لا يجدي ..
هذا والله أعلم
اتمنـــى إنـي وفقـت فـي نقلـي , وآستمتعـو بقـرائـه القصـه والقصيـده