ــ 10ــ
تـمددت نورة والبنتان على فرشهن في حجرة الأم
المريضة . واستسلمت كل واحدة منـهن لحلم يـقـظـة
خــاص بــهــا ..
كانت أميرة تـحلم بأنها في أحضان حـســن .. يـقـبــّـلها ..
يقدم لها هـديـة .. يـهمس في أذنيها .. تــضـحـك .. يضحك معها .
يمشيان في السوق .. يركبان السيارة معا ً .. يدخلان بيتهما .
يأخذها في نزهـة إلى البحر .
كيف هو البحر . رأيت صورته في كتاب الجغرافيا . ما شكل
الخط الذي ينـتـهي عنده البحر وتبدأ اليابسة ..
إذا وقفت ُ عند ذلك الخط الفاصل . هل سأرى السمك في الماء .
ســأسبح في البحر .. سأمسك بسمكة .. سأعيدها للماء لكي
لا تموت .. سأبقى في الشمس .. ستغمر عظامي شمس الأصيل
لن يحرمني أحد من أشعتها .. سأتمدد بجوار حــســن .. ســ..ــ..ــ
نامت أميرة بعد أحلام كثيرة ترجو أن تحققها ...
***
كانت وردة إلى جوار أخـتـها تعيش حلما آخر .. إنها في البيت
بـيـنـما يأتـيـهم خبر أن والدها وأخاها ماتا في حادث سيارة .
لقد كانا عائدين من عند عمها عبد الرحمن .. مبارك يقود السيارة
تأتي شاحنة كبيرة .. تصـدم سيارتهما .. يتمزقان داخلها
يعجز الناس عن إنقاذهما .. يتم نـقـلهما للمـسـتـشفى وقد فارقا
الحياة .. إنها تهرول في ممرات المستشفى الطويلة
حيث كانت ترقد أمها . تركض خلف الطبيب .. ترجوه
أن يـنـقـذ حياتهما .. لكن الطبيب يؤكد لها أنهما ماتا
وأن لا فائدة من أي محاولة للإنقاذ ..
تـبـكي وردة على وسادتها بعد أن أنهت حلمها ..
ولا ندري هل تبكي لأن حلمها مجرد حلم .. ولايمكنها تحقيقة
أم أن ضميرها يؤنبها لأنها تـحلم بموتهما لـتـتـمكن هي من العيش.
نامت وردة وهي تـخـتـنق بعبرتها .. وتخفي صوت بكائها
يساعدها على إخفائه صوت مذياعهن الذي لم يتوقف .
***
أما نورة فكان حلمها مع زوجها ..
إنها تـصرخ بصوت عال ٍ في وجه إبراهيم ..
مرددة أقسى الكلمات .. وكان مطأطئ الرأس ..
صامتا ً .. خائفا ً .. يجلس القرفصاء ويحمي وجـهـه بيديه
خوفا ً من أن تضربـه .. وهي واقفة أمامه وتقول
ــ أيها القذر .. انا أكرهك .. كيف تعيش مع امرأة
تكرهك .. أنت حيوان .. سافل .. حقير .. أنت فقط تـهـتـم بـبـطنك
ألا تلاحظ أنك تـهتم بشهوتي بطنك .. أسفله وأعلاه .. أيها الحقير
هل قلت لي يوما ً أنك تحبني .. إخرس يا كلب .. لا تقلها الآن ..
فات الأوان .. ماذا تـظن .. أني سأحبك لو قلتها لي .. لا .. لن أفعل .
طلقني .. طلقني يا حقير وسأتزوج رجلا ً طيبا ً .. رجلا ً يخاف علي ّ
وعلى صحتي . سـأقتـلك وأتزوج .. أنت لا تستحق أن تعيش
سأقتـلك يا حقير .. لقد أهـنـتـنـي كثيرا ً .. وأهملتني كثيرا ً ..
منذ عشرين ســنـة وأنا أعيش معـك عيشة العبيد .. لا كرامة لي
ولا اهتمام بي .. ألم يخطر ببالك أني إنسانة .. وكيف يخطر ببال
حقير مثلك .. أنت لا تستحق الحياة .. يجب أن تموت أيها السافل .
ثـــــم أطــلـقــت الرصاص على رأســه .. ومات أمامها ..
الدماء تملأ المكان ... وإبراهيم ملقى على الأرض .. لا يتحرك .
بعد موتـه بكت حتى ابتلت وسادتها دون أن تسمع البنتان لها صوت
نامت النســوة وظل المذياع ينشر مختلف الأخبار والبرامج .
يــتـبــع