السلآم عليكم ورحمة الله وبركآته..
بسم آلله الرحمن الرحيم..
إن هابيل وقابيل قربا قربانا ، فتحرى هابيل أجود غنمه وأجود طعامه فقربه ، وتحرى قابيل شر ماله وقربه ، فكان من أمرهما ما قد حكاه الله تعالى ففي كتابه من قتل قابيل هابيل ، ويقال إنه اغتاله في برية قاع ، ويقال إنه كان ببلاد دمشق من أرض الشام وكان قتله شدخا بحجر ، فيقال إن الوحوش هنالك استوحشت من الإنسان ، وذلك أنه بدأ فبلغ الغرض الشر والقتل ، فلما قتله تحير في توريته ، وحمله يطوف به في الأرض ، فبعث الله غرابا إلى غرابا ، فقتله ودفنه ، فأسف قابيل ، ثم قال ما حكاه القرآن عنه : (( يـويلتي أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوءة أخي))[المائدة:31] ، فدفنه عند ذلك ، فلما علم آدم بذلك حزن وجزع وارتاع وهلع .
وقد استفاض في الناس شعر يعزونه إلى آدم أنه قال حين حزن على ولده ، وأسف على فقده ، وهو :
تغيرت البلاد ومن عليها فوجه الأرض مغبر قبيح
تغير كل ذي لون وطعم وقل بشاشة الوجه الصبيح
وبدل أهلها خمطا وأثلا بجنات من الفردوس فيح
وجاورنا عدو ليس ينسى لعين لا يموت فنستريح
وقتل قابيل هابيل ظلما فو أسفا على الوجه المليح
فما لي لا أجود بسكب دمع وهابيل تضمنه الضريح
أرى طول الحياة علي غما وما أنا من حياتي مستريح
إن آدم لما نطق بهذا الشعر ، أجابه إبليس من حيث يسمع صوته ولا يرى شخصه ، وهو يقول :
تنح عن البلاد وساكنيها فقد في الأرض ضاق بك الفسيح
وكنت وزوجك الحواء فيها آدم ، من أذى الدنيا مريح
فما زالت مكايدتي ومكري إلى أن فاتك الثمن الربيح
فلولا رحمة الرحمن أضحت بكفك من جنان الخلد ريح
ووجدت أن آدم ، عليه السلام، سمع صوتا ولا يرى شخصا ، وهو يقول بيتا آخر مفردا دون ما ذكرناه من هذا الشعر ، وهو هذا البيت :
أبا هابيل قد قتلا جميعا وصار الحي بالميت الذبيح
فلما سمه آدم ذلك ازداد حزنا وجزعا على الماضي والباقي ، وعلم أن القاتل مقتول ، فأوحى الله إليه :"أني مخرج منك نوري الذي به السلوك في القنوات الطاهرة والأرومات الشريفة ، وأباهي به الأنوار وأجعله خاتم الأنبياء ، واجعل آله خيار الآئمة الخلفاء ، وأختم الزمان بمدتهم ، وأغص الأرض بدعوتهم ، وأنشرها بشيعتهم ، فشمر وتطهر ، وقدس وسبح ، واغش زوجك على طهارة منها ، فإن وديعتي تنتقل منكما إلى الولد الكائن منكما .
دمــتم بود..