قال تعالى {{فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفظوا من حولك }}
إعجاز خلقي فريد من صنع بديع الصنع ,,,سبحانه عزوجل ,,,,لن تستطيع أن أيها النبي على مكانتك وعظم رسالتك أن تجبر الناس على إتباعك بالقوه والفظاظه وسؤ الخلق , هكذا خاطب الله نبيه صلى الله عليه وسلم وأمتن عليه بنعمة لين القلب ورحمته وحسن الخلق وسموه , تلك الرحمه وذلك اللين الذي كان الأساس في جذب من حوله إليه من أصحابه وحتى أعداءه الذين شهدوا له بذلك .
وذلك اللين وتلك الرحمة لاتعني أبدا الضعف أو الإستكانه أو ترك الحق والخضوع للباطل أبدا,,,,فشتان مابين الثرى والثريا ,,,,وأنما هي سياسة خلقيه إلهية يعلمها من خلق النفوس وهو أدرى بما تحب وتكرهه , ولكن من الحكمة وضع كل شئ في موضعه في المكان والزمان المناسب , ولأن الإصل في النصر هو قوة الحق وليس حق القوة .وكما قال الشاعر العربي في الحكمه في التعامل مع الناس :
ووضع الندى في موضع السيف في العلا = مضرٌ كوضع السيف في موضع الندى
وقد جاءت أحاديث كثيره عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحث على حسن الخلق والرفق واللين قي التعامل مع الناس , فمنها أنه قال صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها وأرضاها :{{ياعائشه إن شر الناس منزلة يوم القيامه من ودعه الناس (أي تركه الناس ) إتقاء فحشه }}.
وهذا دليل على أن من شرار الناس من يحسن الناس إليه ليس حبا فيه وإنما إتقاءً لشره .
وفي حديث آخر أن رجلا ( وفي روايات أخرى أنه عيينة ابن حصن الفزاري سيد قبيلة فزارة), إستأذن على النبي صلى الله عليه وسلم , فلما رآه (قبل أن يدخل عليه ) قال: {بئس أخو العشيرة , بئس ابن العشيرة } , فلما دخل الرجل وجلس , تطلق النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه وأنبسط ( أي عامله معاملة حسنه ) , فلما ذهب الرجل , قالت عائشه : يارسول الله حين دخل الرجل قلت كذا وكذا فيه , ثم تطلقت في وجهه , وأنبسطت إليه , فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم :{ ياعائشه متى عهدتني فحّاشا, إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامه من تركه الناس إتقاء شره }.
فهذا التعامل النبوي العظيم مع هذه النوعية من البشر لايعني أبدا انه من باب ضعف أو خوف وأنما من باب مداراة الناس ومجاراة السفهاء منهم دون هظم لحق أو إنتهاك لحرمه .
أنك لن تستطيع أن تسع الناس بمالك , ولكنك تستطيع أن تسعهم بخلقك كما جاء ذلك في الأثر , وقد قال الشاعر العربي في ذلك ك
لاخيل عندك تهديها ولا مال = فاليسعف النطق إن لم يسعف الحال
وفي الامثال الشعبيه قالوا { علم الحيا والطيبين يبين } وكذلك قولهم { شهود الله في أرضه } , لذا قلما تجد إنسانا يحبه الناس إلا وهو يستحق ذلك الحب , والعكس صحيح أيضا , قلما تجد إنسانا يكرهه الناس إلاو هو يستحق ذلك الكره.
وهذه حكمة الله في تباين وأختلاف طبائع البشر وأنماط شخصياتهم , فمنهم من يكون طيب المعشر يجذبك إليه دماثة خلقه ولين قلبه وطيب لسانه , ومنهم من هو سئ العشرة غليظ القلب وقح اللسان .
والناس كما وصفهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه حين قال : الناس ثلاثه أصناف ( أو قال الاصحاب ثلاثه ) , فصنفٌ :هم كاغذاء تحتاج إليه دائما ولاغنى لك عنه , وصنف آخر: كالدواء تحتاج إليه أحيانا , وصنف ثالث وهو الأخير : كالداء لاحاجة لك إليه أبدا , بل يجب عليك أن تفر منه فرارك من المجذوم .
وروى ان واعظا دخل على الخليفة المأمون , فقال له : إني واعظك فمغلظٌ عليك في القول , فقال له المأمون : مهلا ,,,حسبك ,,,,فإن الله قد أرسل من هو خير منك (موسى عليه السلام ) إلى منهو شرٌ مني (فرعون) فقال تعالى {{ فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى }} ., فهذا هو خطاب الله القوي القادر العزيز إلى فرعون العبد الضعيف والذي تكبر وطغى وإدعى الأولهيه وقال إني ربكم الأعلى , ومع ذلك أمر نبيه باللين معه والرفق في خطابه , لكي يضع قاعدة إنسانيه خالده مفادها أن القلوب يأسرها الإحسان واللين , وأن القوة والإكراه قد تغتصب حقا ولكنها لا تغتصب القلوب والإراه وصوت الحق أبدا .
هي كلمات من القلب كتبتها أخاطب بها نفسي قبل غيري , وأضعها بين إيديكم وتلقاء أنظاركم الكريمه ,,,,راجيا أن تترك أثرآ حسنآ ,,,لافضل لي فيه ,,,فالفضل والمنة لله من قبل ومن بعد ,,,,,وتقبلوا تقديري وسلامي .