إهمال العملة المعدنية!
ياسين البهيش الحياة - 18/09/07//
الفئات المعدنية، ربع الريال، ونصف الريال والعشر هللات، هي جزء لا يتجزأ من العملة السعودية «الريال» ولا يمكن الاستغناء عنها، إذ لا بد من وجود الكسور في كل العمليات الحسابية... وعند شراء السلعة نضطر إلى دفع الفروق الكسرية، وعندما لا تحمل معك القروش المعدنية فستدفع الريال، وربما أعطاك البائع (الكاشير) منديل ورق صغيراً في مقابل نصف الريال الذي كان يجب أن يرده لك، أو حبة علكة في مقابل ربع الريال، أما العشر أو الخمس هللات فلا ينظر إليها بحساب الزيادة أو النقصان!
هذا بالنسبة للتعامل النقدي، أما البطاقات الائتمانية فتحسب كل هللة، ولكنها تكلفك أكثر بسبب فوائد البنك، ما عدا حسابك في الصراف! وإذا أرادت جهة ما رفع سعر سلفة بنسبة 50 في المئة فلن تفعل بسبب عدم استخدام الأنصاف والأرباع، فترفع السعر بنسبة مئة في المئة، فالساندويتش يرتفع سعره إلى ريالين بدلاً من ريال ونصف الريال، ووجبة نصف الدجاجة تباع بدلاً من 10 ريالات ونصف بـ 11 ريالاً وهكذا، وكل هذا يتحمله المستهلك كخسارة مضاعفة، مرة برفع السعر ومرة بعدم رد الفرق نقداً أو تجاهله أصلاً.
وهذا يضر بالاقتصاد الوطني، لأنه على مستوى المملكة، على مستوى التعاملات الكثيرة وكل الأنشطة التجارية، صغيرة كانت أم كبيرة، يحدث هدر في القيمة، بضياع قيمة أنصاف وأرباع وهللات الريال، ولك أن تتصور مقدار الهدر اليومي بسبب تجاهل الكسور، فهل ينبغي استبدال العملة المعدنية بالورقية، ونلغي الهللات؟
بينما وجدت في الولايات المتحدة الأميركية - مثلاً - عدم تجاهل الفئات المعدنية مطلقاً، فتجد أجهزة الصراف الآلي للعملة المعدنية في كل موقع تجاري، فتستطيع تحويل الورقية إلى معدنية عبر هذه الآلات، وبالعكس كذلك وكذلك تسدد قيمة تذكرة الباصات بالعملة المعدنية عبر جهاز الصراف الصغير المثبت بجانب السائق، ولذلك تجد جزءاً مخصصاً في سيارتك لوضع النقود المعدنية.
أما الأفراد فهم يضعون العملة المعدنية في حصالة بلاستيكية تشبه الأنبوب وبحجم كل فئة معدنية، بحيث لو امتلأت هذه الأنبوبة فإنها تعني دولاراً واحداً أو خمس أو عشر الدولار، وهكذا وهم يستخدمون المثل نفسه الذي نستخدمه نحن «القرش الأبيض لليوم الأسود».
والدرس المستفاد من هذا هو «أنه لا يجوز أبداً ألا نعلم أطفالنا استخدام الحصالة، سواء كانت مصنوعة من الفخار أو الصفيح أو الخشب، إذ يقوم الأطفال بجمع العملة المعدنية بجميع فئاتها، ثم يكسرون هذه الحصالات عند الأعياد، ويذهبون بها إلى آلات وأجهزة الصراف، إذ يقفون طوابير لاستبدالها بالورقية، ويقومون بشراء الألعاب أو المستلزمات المدرسية أو الحلوى، ويتعلمون أهم درس اقتصادي وهو «القرش الأبيض لليوم الأسود»، ويعرفون بذلك قيمة القرش والهللة والريال، ويتعلمون الحساب والكسور الحسابية عملياً، وكثير من الأطفال تعطيهم مبلغاً من المال للشراء من البقالة مثلاً فتراه يعود منها من دون أن يعرف كم دفع؟ وكم استرد الفرق «الباقي».
وضياع قيمة العملة المعدنية له دور في موجة الغلاء هذه، إضافة إلى أهمية محافظتنا لقيمتها وتعاملاتنا اليومية، مع العلم أنه قانوناً لا يجوز لأحد عدم رد فرق العملة المعدنية، أو إعطاء بدائل كالمناديل أو العلكة، ولم أجد متجراً أو بائعاً في تلك البلدان لا يحتفظ بالعملة المعدنية لأجل الزبون إلا عندنا هنا فقط!