رجل دولة !!
بقلم :خالد المالك
ودَّعناه أمس، حبيباً كان بيننا ملء السمع والبصر..
مَهيباً حتى وجثمانه الطاهر مسجَّىً على النعش..
وهكذا يُنظر إلى كل مَنْ هو فارس مثله..
وإلى كل الرجال التاريخيين من غير أن يُستثنى أياً منهم..
وقد كان فقيدنا أحدهم، ومن بين الأبرز فيما بينهم.
له مهابتُه..
وشخصيتُه المميزة..
نقرأها على ملامح وجهه، ونتعرَّفُ عليها من أحاديثه..
وتحسُّ بأنك الأقربُ إليه كلما جمعتك به مناسبة، أو صادفك المرحوم في لقاء ولو كان عابراً.
فجعني خبرُ وفاته..
آلمني أن يغيب عن مسرح الحياة المكتظ بالناس والحركة..
وتأثرتُ لتساقط الرجال التاريخيين واحداً بعد الآخر، وقد كان هذا الفقيد أحد أبرز البارزين في صفوفهم..
مع أني كغيري أؤمن بأن هذه آجال، وبأن الوفاة من سنن الحياة، وأنه لا رادّ لمشيئة الله، أو حائلاً دون قضائه وإرادته وقدره .
كان فارساً..
وأميراً..
ووطنياً..
وفي نفس الطريق، وعلى نفس الخُطى، وبالقدر الذي علّمنا كيف يجب أن يعيش المرء عزيزاً كريماً، وبهامةٍ عالية، فقد كان الفقيد الكبير شهماً وكريماً، وخليقاً بأن يوصَف بكلِّ مفردات التميُّز وصفات الحب والتقدير.
وإذ يغادر الأمير عبد الرحمن السديري هذه الدنيا الفانية..
ليحول الموتُ دون أن نراه بعد اليوم..
مثلما حال مرضُه زمناً طويلاً عن متابعته - رحمه الله - لإنجازات كثيرة ومهمة، كانت تتم بفكره وعلى يديه وبجهد خلاق منه..
فإنما نفقد ما يثير الأسى والحزن في شخص صانع هذه الإنجازات في ميادين التعليم والصحة والزراعة والتراث وغيرها.
وهكذا يكون قَدَرُ هذه الأمة، حين تودِّع من حين لآخر في مشاهد حزينة رجالَها التاريخيين..
وأن تُصاب في أغلى وأقرب وأعز ما تملك..
ومنهم أولئك الأفذاذ الذي أسهموا في توحيد الوطن، وشاركوا في بنائه، وأمضى كلُّ واحدٍ منهم حياته في حب الوطن والذود عنه، بما لا تتسع مثل هذه الكلمات لإعطائهم حقَهم، وإنصافهم بما يستحقون من كلام.
رحم الله الأمير الفارس عبد الرحمن بن أحمد السديري، وأحسن الله العزاء بفقده لكل أبناء وبنات الوطن، فقد كان أباً ومحباً وصديقاً ومخلصاً للجميع، ولنا العوض عن غيابه في آثاره ومآثره وسيرته العطرة وبهذه الكوكبة اللامعة من أبنائه وبناته الذين يحتلون مواقع تمكنهم من مواصلة مسيرة والدهم في خدمة الوطن الغالي.