الكاتب / محمد الحلواجي:
مع تزايد كم القنوات الفضائية العربية المتزايدة يوما بعد يوم يتحدث الكثير من المختصين في الشأن الإعلامي عن ضرورة دور جديد تلعبه، مما يفرض عليها توجها نحو النوعية من حيث طبيعة البرامج ومضامينها من أجل إيجاد رقعة لها على خريطة اهتمام المشاهد العربي، حيث تتنافس جميعها من أجل كسب رضاه، أمام منافسين شرسين، يتمثلان في القنوات الأجنبية أولا والقنوات العربية المتميزة ثانيا.
وعندما يجري الحديث عن توجه وطبيعة مختلفة، يبدو أن المقصود هو برامج تطرح قيما أخلاقية عالية في الرأي بين أقطاب متعارضة من حيث منطلقاتها وتوجهاتها (تقليدية/ تحديثية)، فالملاحظ أن هذا النوع من البرامج بدأ يكثر في الآونة الأخيرة وإن اتسم بالتشابه إلى حد انتفاء الخصوصية، حيث تأتي في صيغة ندوات أو مناظرات حوارية (بين اتنين مش طايقين بعض حسب تعبير سرحان عبد البصير أو عادل إمام)، ينظمها ويشرف عليها مذيع يجلس كمحرض محايد بمبنى الأستوديو!.
لقد شاهدنا كما كبيرا من برامج طرحت موضوعات عديدة كالذكرى الأربعين للنكسة، ونصف قرن على ثورة يوليو، واللغة العربية ومستقبلها أمام مد اللهجات المحكية، والصحافة العربية في الخارج و.. و.. و..، ولا نريد الإطالة بسرد العناوين، بقدر الإشارة إلى أننا لم نستطع الاستماع للحوارات بشكل واضح ولم نستوعب شيئا، ليس لقصور عن الإدراك أو بسبب عدم جودة الصوت، وإنما لانتفاء أخلاقيات وأدبيات النقاش وروح الحوار بين المتحاربين.. عفوا: المتحاورين الذين يتكلمون جميعا في الوقت نفسه، ويردون على بعضهم البعض في اللحظة ذاتها، بل ويصل الأمر أحيانا لرفع الصوت والصراخ وعدم الاستماع إلى الرد الآخر مطلقا، فيتفاقم الخُوار.. عفوا الحِوار ليصل إلى التلويح والتشويح بالأوراق والضرب بقبضة اليد على منصة الأستوديو إذا دعت الحاجة! أما السيد المذيع فإنه لا يتدخل لتنظيم الحوار بل يضع يده على خده، فيما ترتسم على وجهه ابتسامة رضا كبيرة وهادئة، (علامة معناها: شوفوا يا جماعة مدى نجاح برنامجي)!.
والعجيب أن هذه البرامج لا تعرض إلا في أوقات متأخرة من الليل، أي في الوقت الذي يسبق موعد الكوابيس الشخصية بقليل، ما يضطرنا لتغيير القناة، لنفاجأ بقناة أخرى تستضيف شخصية علمية بارزة لتتحدث عن انحسار إقبال الجماهير في العقدين الأخيرين العربية عن متابعة الثقافة وتهافته على غانيات الفيديو كليب!!؟
هذا مما قــــــــــــرأت
ابومبارك
كان هنا